كتابة الدستور واختصاصات كل من الرئيس والبرلمان
لأننا في وقتنا الراهن نعيش معركة محتدمه بين الصلاحيات التي سوف يمنحها
الدستور للرئيس وعما اذا تكون الدولة بمقتضي تلك الصلاحيات دولة رئاسيه أم
برلمانيه أم كما اشيع مختلطه بين هذا وذاك دون أن يعلم أحد منا الأدوار
التي سوف يقوم بها كل من الرئيس أو البرلمان الذي أفرزته الانتخابات .
وتبقي بين الرئيس والبرلمان سلطه أخري ينبغي ان لانتجاهلها وهي المشاركه
الشعبيه المباشره من خلال المظاهرات أو الاعتصامات كرد فعل علي تقصير
الرئيس أو البرلمان ازاء ماقد يتعرض له الشعب من انتهاك لكرامته وضياع
لحقوقه في أي موقع من مواقع الحياه التي تعج بضغوطها التي تشغل كاهل
المواطن العادي فمابالنا بالفئات الضعيفه والمطحونه .
من هنا كان علينا ان نبحث - عن الصوره التي عاشتها التجربه الاسلاميه في
أزهي عصورها , وكذلك التجربه الغربيه في عصرنا الراهن - عن تلك الحدود
الممنوحه للمسئولين عن أمور الشعب سواء من الرئيس أو البرلمان من أجل اعزاز
لكرامه المواطن الذي هو الهدف الأسمي .
وظيفة الحاكم في الاسلام
طبيعه العلاقه التي تحكم الحاكم بشعبه هي علاقه سياسيه يراعي فيها
الكفاءه والمقدرة والحزم والأمانة ولاننسي الصحابي الذي جاء للرسول يعرض
عليه ان يوليه الاماره فقال له انك امرؤ فيك ضعف وقد راعي عمر هذا المعيار
في حكمه علي الشخص حتي مع حسن عبادتة في أدائه لفروض ربه حيث قال عمر بن
الخطاب للصحابي حين سأله عن احد الأشخاص ولم تعجب عمر الاجابة هل غرك كثره
صلاته وصيامه فانك لم تعرفه. ولهذا سوف نحاول تحليل خطابات الراشدين لنري
المسئوليه والاختصاصات كيف كانت موزعه وكيف كانت تدار دوله الاسلام
1-تعيين الحكومة ووزرائها
وهذا يلخصه قول عمر بن الخطاب :ولينا علي الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم
حرفتهم فان عجزنا عن ذلك اعتزلناهم. (الدوله المدنيه بين الوهم العلماني
والواقع الاسلامي )
وعمر ابن عبد العزيز حين دخلت فاطمه امرأة عمر عليه و هو فى مصلاه تسيل
دموعه على لحيته فقالت: يا أمير المؤمنيين الشىء حدث ؟ قال يا فاطمه أنى
تقلدت من أمر أمة محمد عليه الصلاة و السلام أسودها و أحمرها فتفكرت فى
الفقير الجائع و المريض الضائع و العارى المجهود و المظلوم المقهور و
الغريب الأسير و الشبح الكبير و ذى العيال الكثيرة و المال القليل و
أشباههم فى أقطار الأرض و أطراف البلاد فعلمت أن ربى سألنى عنهم يوم
القيامه فخشيت أن لا تثبت لى حجه فبكيت. (تاريخ الخلفاء ، ص 174 للسيوطى)
ويقول جون لوك : الملك يتولي منصبه بعهد وميثاق بينه وبين الشعب في علاقه
سياسية وليست اخلاقية وبالعلاقه السياسيه هذه يشرف الملك علي : حفظ
الحقوق الطبيعية ممثلة في الأمن والملكية الخاصة والمعتقدات والمساواة
والحرية باعتبارها حقوق مقدسه .
ووظيفة الحاكم ومسئولياته عند الامام علي يوضحها بقوله : " لابد للناس من
أمير ....يجمع به الفئ ويقاتل به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من
القوي حتي يستريح بر ويستراح من فاجر " " أيها الناس أما حقكم عليّ
فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم ( الخراج وما يحويه بيت المال ) وتعليمكم
كيلا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا ...." ويقول علي رضي الله عنه :
" ىحق علي الامام ان يحكم بالعدل ويؤدي الأمانة فاذا فعل ذلك فحق علي الرعيه ان يسمعوا ويطيعوا " رواه ابن ابي شيب .
ويقول علي رضي الله عنه " ان الله تعالي فرض علي ائمه الحق ان يقدروا
انفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره " أي بمعني أن يعيش الحاكم
حياة أبسط الناس كي يشعر بمعاناتهم ويعمل علي ازالتها وحتي يقدره الفقراء
ومتوسطي الدخل ( نهج البلاغه , شرح الشيخ محمد عبده ص 470
النزول على رغبة الناس
يقول الأمام على لما اضطرب عليه أصحابه فى أمر الحكومة : "لقد كنت الأمس
أميراً فأصبحت اليوم مأموراً و كنت الأمس ناهياً فأصبحت اليوم منهياً و قد
أحببتم البقاء (رفض الحرب) وليس لى أن أحملكم على ما تكرهون". نهج البلاغه ص
494
يقول الأمام على:وقد علمتم أنه لا ينبغى أن يكون الوالى على الخروج و
الدماء و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل.فتكون فى أموالهم
نهمته(إفراط الشهوة أو المبالغه فى الحرص) وهنا اشارة واضحة للمسئوليات
التي يتولاها الحاكم واستكمالا لكلام علي عن صفات الحاكم فيقول : و لا
الجاهل فيضلهم بجهله ولا الجافى فيقطعهم بجفائه ولا الخائف للدول(من عين فى
قسم الأموال فيفضل قوما فى العطاء على قومه بلا موجب للتفضيل) فيتخذ قوماً
دون قوم ولا المرتشى فى الحكم فيذهب بالحقوق و يقف بها دون المقاطع(الحدود
التى عينها الله له) ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة. نهج البلاغه ص 333,332
2-تعيين المحافظين هي مسؤلية رئيس الدولة
" عن الحسن قال : قال عمر شيء أصلح به قوما أن أبدلهم اميرا مكان امير "
( تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص95 )
" وكان اول خطبة خطبها عمر حمدا الله وأثني عليه ثم قال :امابعد فقد ابتليت
بكم وابتليتم بي وخلفت فيكم بعد صاحبي فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا
ومن غاب عنا وليناه أهل القوة والامانة ومن يحسن نزده حسنا ومن يسيء نعاقبه
ويغفر الله لنا ولكم " ( تاريخ الخلفاء ص 103 ).
3-استقلال القضاء فلا يحق للرئيس تعيين رئيس القضاة لاسيما قضاة المحكمة الدستورية وغيرها
" أستدعى المنصور أبى حنيفه و عرض عليه تولى هذا المنصب الخطير فأمتننع و
أعرض قائلاً : إن هذا دعانى للقضاء فأعلمته أنى لا أصلح و أنى لأعلم أن
البينه على المدعى و اليمين على من أنكر و لكنه لا يصلح للقضاء إلا رجل
يكون له نفس يحكم بها عليك و على ولدك و قوادك و ليس تلك النفس لى أنك
لتدعونى فما ترجع نفسى حتى أفارقك" المناقب للمكى ص 215
و وفي رواية أخري لتلك الحادثة ذكر عن الربيع ابن يونس قوله: رأيت أمير
المؤمنين ينازل ابى حنيفه فى أمر القضاء و هو يقول له أتقى الله و لا تدع
أمانتك الا من يخاف الله و الله ما أنا بمأمون الرضى فكيف أكون مأمون
الغضب؟ و لو أتجه الحكم عليك ثم هددتنى أن تغرقنى فى الفرات او الى الحكم
لأخترت أن أغرق لك حاشيه يحتاجون الى من يكرمهم لك فلا أصلح لذلك فقال له
المنصور كذبت إنك تصلح فقال: قد حكمت على نفسك كيف يحل لك أن تولى قاضياً
على أمانتك كذاباً . (تاريخ بغداد ص 328)
هنا نستنتج أنه ليس من اختصاصات الحاكم تولىة رئيس منصب القضاة و إنما
تعيينه يتم من جهه أخرى هي القضاة أنفسهم يختارون أصلحهم من خلال انتخابات
نزيهة و لا ننسى موقف على ابن ابى طالب و اليهودى أمام القاضى فكانت السلطه
مستقله للقاضى وبالتالي كان له حق فى محاسبة الحاكم نفسه " ولم تسلم
حضارتنا في مراحل تراجعها من وجود من يعارض الحاكم عندما يسئ اختيار رئيس
القضاة ويقوم الحاكم بتلبية مطالب الأمة فهذا الشيخ عبد القادر الكيلاني
وقف علي منبره محاسبا "المقتفي لامر الله "ومنكرا عليه تولية يحيي بن سعيد
المشهور بابن المزاحم الظالم القضاء فقال مخاطبا له وليت علي المسلمين اظلم
الظالمين فما جوابك غدا عند رب العالمين أرحم الراحمين ؟ فارتعد الخليفه
وعزل المذكور لوقته " .
"عن صالح ابن حبير قال: ربما كلمت عمر ابن عبد العزيز فى الشىء فيغضب
....فيقول لى بعد ذلك لا يمنعك يا صالح ما ترى منّا أن تراجعنا فى الأمر
إذا رأيت
المرجع السابق ص 176
نستنتج أنه لا بد من سلطة مستقلة يخضع أمامها الحاكم لمحاسبته و مسائلته و تكون تلك الجهه قضائيه يتم أنتخابها من الأمة
4-حريه المعارضه حتى و إن أساءت للحاكم
كما حدث مع أحد الحرورية الذى شتم سليمان ابن عبد الملك بقوله له يا فاسق
ابن الفاسق و حين أشار على عمر ابن عبد العزيز و بعد أن سمع مقالة الرجل
بنفسه قال له عمر أرى أن تشتمه كما شتمك فقال سليمان : ليس الأمر كذلك فأمر
بضرب عنق الرجل
ومن وصية الامام علي لعبد الله بن العباس لما بعثه للاحتجاج الي الخوارج
لاتخاصمهم بالقران فان القران حمال( يحمل معاني كثيره ان اخذت باحدها احتج
الخصم بالاخر ) ذو وجوه تقول ويقولون ولكن حججهم بالسنه فانهم لن يجدوا
عنها محيصا ( أي مهربا ) . نهج البلاغه ص 677 وهنا اشارة الي استقلالية
اعلام الدولة عن النظام الحاكم حتي تتمكن من اظهار الحقائق بموضوعية دون
تشويه أو كذب وتلفيق يحدث بلبلة وفتنة فالحرية هنا لها أدوات ضابطة لها
تحول دون انحرافها عن مسارها الصحيح
داوود عليه السلام قاضيا
( ياداوود إنا ... فاحكم بين الناس بالحق ) ص
اهم مايميز حكم داوود عليه السلام هو تقوية مملكته وتسليحها جيدا بارهاب من يفكر في الاعتداء عليها والحكم بين الناس بالعدل
فمراجعة نبي الله داوود جاءت عبر ملكي السماء اي واقع حسي ملموس يقابل
الأمة لقائدها في أحوالنا مع الفارق المعنوي بين الطرفين الذي يقلص من حدة
هذا الفارق قول رسولنا الكريم " لم تجتمع أمتي علي ضلالة ".
5-استقلال الحاكم عن الشأن المالي
ومنع الاسلام ان يجمع الحاكم بين سلطة المال والحكم ولذلك شواهد من تاريخنا
فقد كان هناك مسئولا عن الأمور المالية يعين من قبل الخليفة علي كل قطر
وله سلطة مستقلة عن سلطة الحاكم ومن دلائل ذلك "أنه حين ولى عمر ابن عبد
العزيز عمر بن قيس السكونى الصائغة فقال له :أقبل من محسنهم و تجاوز عن
مسيئهم "
كما كان لعلي بن ابي طالب عمال علي الصدقه وتوزيعها علي مستحقيها وكان
يتوعد من تثبت عليه الخيانة في حق الضعفاء والمساكين من ذلك قوله لأحد
عماله: " إنا معرفون حقك فوفهم حقوقهم وإلا تفعل فانك من أكثر الناس خصوما
يوم القيامة وبؤسا لمن خصمه عند الله الفقراء والمساكين والسائلون
والغارمون ...ومن استهان بالأمانة ورتع في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه
عنها فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا وهو في الأخرة أذل وأخزي وان
أعظم الخيانة خيانة الأمة وأفضع الغش غش الأئمة " نهج البلاغة ، ص562
هكذا توعد علي بالخزي والذل في الدنيا لمن تثبت خيانته وبالتالي فعلي جعل
مسئولية المال وتوزيعه لمستحقيه لعامل اخر غير الحاكم علي الدولة ولقد كانت
تجبي الزكاة وتوزع من يومها في مؤسسة بيت المال وكانت بعيدة عن عبث أيدي
الحكام وهذا بالقطع في أثناء الحكم الراشدي واسثناءات في تاريخنا من هنا
نفهم استقلال الحاكم عن الشان المالي .
يقول علي : والله لان أبيت علي حسك السعدان مسهدا وأجر في الأغلال مصفدا
أحب اليّ من أن القي الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد وغاصبا لشئ
من الحطام ...... والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها علي أن
أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعير مافعلت
"ومن كلام له إلي عبد الله بن زمعة وهو من شيعته وذلك أن قدم عليه في
خلافتة يطلب منه مالا فقال عليه السلام إن هذا المال ليس لي ولك وإنما هو
فئ للمسلمين وجلب أسيافهم فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم وإلا فجباة
أيديهم لا تكون لغير أفواههم" نهج البلاغة صـــ526
الأمة والشأن المالي
يقول الإمام علي رضي الله عنه لابنه محمد بن الحنفية : يا بني إني أخاف
عليك الفقر فاستعذ بالله منه فإن الفقر منقصة للدين مدهشة للعقل داعية
للمقت " نهج البلاغة ص753
ماذا نقول اذا عمن يمجد حالة الفقر ومن كان يدعو الشعب للصبر من أجل لصوص
كانوايمسكون زمام الحكم في البلاد وعزت الدعوات لرد ظلمهم وفسادهم ياستثناء
قلة من الوطنيين فالفقر والذل ليس قدرا مكتوبا بل هو من أثر الانسان قال
تعالي : (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )
"ويقول الامام علي إن الله سبحانه فرض في أموال الاغنياء أقوات الفقر :فما جاع فقير إلا بما متع به غني والله تعالي سائلهم عن ذلك "
6-للحاكم أن يولي من يراه مناسبا لوزارة الدفاع والداخلية
للحاكم مسؤلية الأمن وحفظ كرامة الناس أي عدم إذلالهم في إنجاز طلبات الحياة والمعيشة والدفاع عنهم من الأخطار الخارجية
يقول الامام علي في رسالتة للأشتر واليه علي مصر : "فول من جنودك أنضحهم في
نفسك لله والرسول ولإمامك وأنقاهم جيبا (أي طاهر الصدر والقلب)وافضلهم
حلما : ممن يبطئ عن الغضب ويستريح الي العذر ويرأف بالضعفاء وينبو علي
الأقوياء (يشد ويعلو عليهم ليكف أيديهم عن ظلم الضعفاء ) وممن لا يثيرة
العنف ولايقعد به الضعف "
نهج البلاغة ص 629
ويقول علي : "ولقد أحسنت جواركم وأحطت بجهدي من ورائكم (أي حميتكم وكنت لكم
رداء)أعتقتكم من ربق الذل وحلق الضيم "(نهج البلاغة ص38 وما بعدها )
المسئوليته مشتركة بين الحاكم والأمة ممثلة فى (مجلس الشعب) فلا يذهب لحرب دون موافقتها.
و نستفيد من تلك الروايه أن للأمة الأخذ برأيها فى الدخول فى الحروب و
غيرها عن طريق ممثليها فى البرلمان و ليس من سلطة الحاكم فقط.كما وجدنا
موقف البرلمان التركي من رفضه مساعدة امريكا في غزوها علي العراق
وكما وجدنا في غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم خاصة أحد و نزوله على رغبة
الناس بالاضافة الي شروط أخري من مثل قوة تسليح الدولة كما في قصة داوود
(وشددنا ملكه) أى ضرورة أن تكون الدولة على مستوى عال من التسليح.
وجدنا تركيا حين غزو العراق كانت الدوله الوحيدة التى رفضت استخدام أمريكا
لمجالها الجوى و ذلك نزولا على رغبة نواب البرلمان و رضخت أمريكا لقرار
الشعب فى الوقت التى خذلت فيه أنظمه الفساد و الأستبداد فى منطقتنا العربيه
شعوبها وضربت بإرادتها عرض الحائط نزولا على رغبة أمريكا.
المشاركة السياسية للشعب
لاننس بكاء عمر بن عبد العزيز وعمربن الخطاب وشدة خوفها أن يكونا قصرا في
مسؤلياتهما تجاه شعوبهما ولهذا كان أمر مشاركة الأمة في الممارسة السياسية
من البديهيات وتمثل ذلك في الأخذ برأيها عن طريق النواب الممثلين لها في
مجلس الشعب أو بالاستفتاء فيوأن تكون لها الحرية في عزل الحاكم ومحاسبتة
يقول علي رضي اله عنه :"إنة من أستثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض
عليه كان العمل بهما أثقل عليه فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني
لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي
ماهو أملك به مني "
يقول الامام علي في رسالته للأشتر حين ولاه مصر : "أجعل لذوي الحاجات منك
قسما (أي المتظلمين تتفرغ لهم فيه بشخصك للنظر في مظالمهم ) وتجلس لهم
مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك وتقعد عنهم جندك وأعوانك (أي لا
يتعرض لهم) من أحر اسك وشرطك حتي يكلمك متكلمهم غير متتعتع(المراد غير
خائف) فإني سمعت رسول الله (ص) يقول في غير موطن (أي في مواطن كثيرة ) :"لن
تقدس أمة (أي لا يطهر الله أمة )لا يؤخذ للضعيف فيها حقة من القوي غير
متتعتع"
ثم أمور من أمورك لابد لك من مباشرتها:منها إصدار حاجات الناس يوم ورودها
عليك بما تحرج به صدور أعوانك (الاعوان يحبون المماطلة في قضائها :
استجلابا للمنفعة أو إظهارا للجبروت ) نهج البلاغة : ص 640
إحتفاء سيدنا علي بالعامة دون الخاصة
فيقول :.......وإنما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة فليكن صفوك لهم وميلك معهم " نهج البلاغة ص 62
من هم الخاصة الذين يتشاورون ؟ يقول الإمام علي أكثر مدراسة العلماء
ومناقشة (محادثة )الحكماء في تثبيت ما صلح علية أمر بلاد واقامة ماأستقام
به الناس قبلك أي كما هو معروف حديثا ب(هيئة استشارية للرئيس ) كما في
أمريكا
ويقول علي رضي الله عنه " ألا وان لكم عندي ان لاأحتجز دونكم سرا الا في
حرب وألا أطوي دونكم امرا الا في حكم وألا أؤخر لكم حقا عن محله ولا اقف به
دون مقطعه ( دون الحد الذي قطع به ان يكون لكم )
( نهج البلاغه ص 617 )
حق الأمة في اختيار الحاكم
يقول علي بن أبي طالب في كتاب له الي معاوية "أنه بايعني القوم الذين
بايعوا أبا بكر وعمرو عثمان علي ما بايعوهم عليه.....وأنما الشوري
للمهاجرين والأنصار فان اجتمعوا علي رجل وسموه اماما كان ذلك لله رضا "
نهج البلاغه ص 542
"وتحفظ من الاعوان فإن أحدا منهم بسط يده الي خيانة اجتمعت به عليه (أي
أتفقت عليها أخبار الرقباء) عندك أخبار عيونك أكتفيت بذلك شاهدا فبسطت عليه
العقوبة في بدنة وأخذتة بما أصاب من عمله ثم نصبتة بمقام المذلة ووسمته
بالخيانة وقلدتة عار التهمة نهج البلاغة ص 634
ويقول علي رضي الله عنه " ألا وان لكم عندي ان لاأحتجز دونكم سرا الا في
حرب وألا أطوي دونكم امرا الا في حكم وألا أؤخر لكم حقا عن محله ولا اقف به
دون مقطعه ( دون الحد الذي قطع به ان يكون لكم )
( نهج البلاغه ص 617
إرادة العامة والحث علي المشاركه السياسيه للأمة
يقول الأمام على رضى الله عنه: "وقد أصبحتم فى زمن لا يزداد الخير فيه إلا
إدباراً و لا الشر فيه إلا إقبالاً ولا الشيطان فى هلاك الناس إلا
طمعاًُ.....إضرب بطرفك حيث شئت من الناس: هل تبصر إلا فقيراً يكابد فقراً
أو غنياً بدّل نعمة الله كفراً أو بخيلاً اتخذ البخل بحق الله وفراً (المال
الكثير) أو متمرداً كأن بأذنه عن سمع المواعظ وقراً؟
أين خياركم و صلحاؤكم؟وأحراركم و سمحائكم؟ وأين المتورعون فى مكاسبهم؟ و
المتنزهون فى مذاهبهم؟ أليس قد ظعنوا جميعاً عن هذه الدنيا الدنية و
العاجلة المنفضة؟
هل خلقتم إلا حثالة (الردىء من كل شىء و المراد أقزام الناس وصغار النفوس)
لا تلتقى بذمهم الشفتان إستصغاراً لقدرهم وذهابا عن ذكرهم ( فانا لله وانا
اليه راجعون : ظهر الفساد فلا منكر مغير ولازاجر مزدجر أفبهذا تريدون أن
تجاوزوا الله في دار قدسه ؟ وتكونوا أعز أوليائه عنده ؟ هيهات لا يخدع الله
عن جنته ولا تنال مرضاته الا بطاعته ( لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين
الشهوات ...)
النهي عن طاعة الفاسدين
يقول الامام علي : ألا فالحذر الحذر من طاعة سادتكم و كبرائكم الذين تكبروا
عن حسبهم و جاحدوا الله على ما صنع بهم مكابرة لقضائه فإنهم قواعد أساس
العصبية و دعائم أركان الفتنه اتخذهم إبليس مطايا ضلال و جندا بهم يصول على
الناس و تراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم و دخولاً فى عيونكم
ونفثاً فى أسماعكم فجعلكم مرمى نبله و موطىء قدمه.
فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين فى أنفسهم بأوليائه المستضعفين فى
أعينهم فأعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله و صولاته و
وقائعه و مثلاته(عقوباته).
و لقد نظرت فما وجدت أحداً من العالمين يتعصب لشىء من الأشياء إلا من عله تحتمل تمويه الجهلاء أو حجه تليط بعقول السفهاء.
فإن كان لابد من العصبيه فليكن تعصبكم لمكارم الخصال و محامد الأفعال و
محاسن الأمور و أحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من ابتلاءات بسوء الأفعال
فتذكروا فى الخير و الشر أحوالهم و أحذوا أن تكونوا أمثالهم.
و ألزموا كل أمر لزمن العزة به شأنهم و زاحت الأعداء له عنهم و انقادت
النعمه له معهم ووصلت الكرامة عليه حيلهم من الأجتناب للفرقه و اللزوم
للألفه و التحاض عليها والتواصى بها.
واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم وأوهن منتهم من تضاغن القلوب و تشاحن الصدور و تزايد النفوس و تخاذل الأيدى.
و تدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم:
كيف كانوا فى حال التمحيص و البلاء اتخذتهم الفراعنه عبيداً فساموهم سوء
العذاب و جرعوهم المرارة لا يجدون حيلة فى إمتناع و لا سبيل الى دفاع – حتى
جعل الله لهم من مضايق البلاء فرجاً فأبدلهم العزمكان الذل والأمن مكان
الخوف فصاروا ملوكاً حكاماً وأئمه أعلاماً.
فأنظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعه (عصبى القوم و الجماعه) و
الأهواء متفقة و القلوب معتدله و الأيدى مترادقه و السيوف متناصرة و
البصائر نافذة و العزائم واحدة؟ ألم يكونوا أربابا فى أقطار الأرضين و
ملوكاً على رقاب العالمين.
فأنظروا ما صاروا إليه فى أخر أمورهم حين وقعت الفرقة و تشتت الألفة و
أختلفت الكلمة و الأفئدة و تشعبوا مختلفين و تفرقوا متحاربين قد خلع الله
عنهم لباس كرامته و سلبهم غضارة نعمته (سعتها) و بقى قصص أخبارهم فيكم عبرة
للمعتبرين منكم.
وإن عندكم الأمثال من بأس الله و قوارعه و أيامه و وقائعه.....فإن الله
سبحانه لم يلعن القرن الماضى بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف و النهى
عن المنكر فلعن الله السفهاء لركوب المعاصى و الحلماء لترك التناهى.
نهج البلاغه ص 458,466
النهى عن المغالاه فى الأحقاد منهج على و من قوله لأصحابه و قد سمعهم يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين.
"إنى أكره لكم أن تكونوا سبابين و لكنكم لو وصفتم اعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب فى القول و أبلغ فى العذر و قلتم مكان سبكم إياهم:
اللهم أحقن دماءنا و دماءهم و أصلح ذات بيننا و بينهم و أهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله و يدعو عن الغى و العدوان من نهج به"
نهج البلاغه ص 492
له والناهين عن المنكر العاملين به " وفي موضع آخر يقول : وقد ترون عهود
الله منقوصة فلا تغضبون وأنتم لنقض ذمم أبائكم تأنفون (يقال لمن يتعصبون
لمذاهبهم علي حساب دين الله ) وكانت أمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر واليكم
ترجع فمكنتم الظلمة من منزلتكم وألقيتم اليهم أزمتكم وأسلمتم أمور الله في
أيديهم يعملون في الشبهات ويسيرون في الشهوات أما والذي نفسه بيده ليظهرن
هؤلاء القوم عليكم ليس لأنهم أولي بالحق منكم ولكن لاسراعهم الي باطل
صاحبهم وابطائكم عن حقي " نهج البلاغة ص141
مهام البرلمان
كما هو متعارف عليه في النظم الديمقراطية المحترمة هي التشريع ومراقبة
الحكومة ومسآلة الوزراء وله حق عزل الحكومة أو عناصرها الفاسدة وفي رأيي
علي البرلمان أن يعين في تلك الحالة مايراه مناسبا وكفئا لتولي هذا المنصب
جزاءا للرئيس علي سوء اختياره والتي يتحمل تبعاتها الشعب كما يراعي تشكيل
لجنة من مجلس الشعب تتولي أمر مراقبة الرئيس لاسيما في الشأن المالي واعمال
مبدأ من أين لك هذا ؟ تماما كما يحدث حتي لجارتنا العدوة اسرائيل وغيرها
من البلدان المتقدمة وهذا الموضوع متشعب وله تفصيلات متعددة علي دراية بها
الكثير من المتخصصين ومما لايتسع المقام هنا لسرده
وهناك سلطة أخري للأمة ينبغي الا يهيمن عليها البرلمان آلا وهي النقابات
المستقلة فهم أكثر الناس معرفة بشؤنهم ولهم حق تولية من يروه مناسبا وكفئا
من خلال مايتم داخل تلك النقابات من انتخابات حرة تماما كما وجدنا في عصر
الحضارة الاسلامية فقد كان هناك فساد سياسي لكن ظل المجتمع محافظا علي
حيويته وقوته بفضل تلك الاستقلالية والحرية في ادارة شئونه من خلال تلك
التنظيمات والتي تعرف حديثا بالنقابات
حق التظاهر السلمي
وهذه احدي الوسائل لممارسة الأمة حقها حين تري عجزا من ممثليها في البرلمان
أو النقابات ولذلك أخطأ البرلمان حين أعلن في مرحلة سابقة بأن الشرعية هي
له فقط وليس للميدان ووجدناه عاجزا عن ممارسة حقوقه وأبسطها كما وجدنا في
تعامله مع حكومة الجنزوري في الوقت الذي كان ممارسة أي ضغط مباشر من جهة
الشارع كان المجلس العسكري يعمل لها حساب وان تعنت ففي آخر الأمر كان هناك
رضوخا للارادة الشعبية وهذا درس يجب أن لا نغفل عنه في تصحيح مسارنا فلابد
من تكاتف جميع المؤسسات الشعبية المنتخبة وتحتضن القوي الشعبية والتي تمثل
عنصر قوة لها في مواجهة الفساد الذي أحدثه النظام السابق ولاتحتكر تلك
المؤسسات مع التقدير لها هذا الحق ولا تدعي العصمة لنفسها من الوقوع في
المسالب سواء بقصد أو بدون وحق التظاهر السلمي وممارسته والوقوف علي
متطلباته نراه يمارس بدون أي مشاكل في المجتمعات الغربية وفي أمور تجاوزت
كثيرا المتطلبات بمناهضة الفساد كما في مجتمعاتنا الي الحق في العيش في
بيئة نظيفة ....الخ